قراءة في كتاب بيكاسو و ستاربكس للكاتب الاماراتي ياسر حارب

قراءة في كتاب بيكاسو و ستار بكس للكاتب الاماراتي ياسر حارب

استطاع الكاتب ياسر حارب بعبقريته الأدبية أن يوجد ذلك الشبه بين لوحات بيكاسو و الخيارات المتعددة في مقهى ستار بكس و استخرج من هذا الشبه نموذج مصغر للحياة الكبيرة بتفاصيلها و دقائقها و انطلق يصف لنا بعضا من ملامحها ، يحكيها لنا و يحكينا لها في فصول الكتاب و عناوينه

حياتنا ما هي إلا آلام و آمال و كما قالىياسر عن الألم :" ان الألم هو مرحلة تمر في حياة الانسان مثل المراحل الدراسية و لكنها مرحلة متكررة " ، و في وصفه و تعريفه للألم أدركت ما خلف الألم من جمال و ربما أعدت بعثرة حروفه و ترتيبها مجددا لأرى الأمل يلوح خلف الأفق و أراهما وجهان لعملة واحدة لا يفترقان

الناس في حياتنا أصناف و ألوان و اختار منهم النمطيون ليحكي عنهم و يصفهم فشعرت أن الكثير من الفئات في مجتمعاتنا العربية تندرج تحت هذا التعريف ، اسأل الله لهم شفاءً عاجلاً و تحرراً جذرياً ، فالنمطية كما قال - عبودية شفافة لا يراها الانسان إلا عندما يبدأ بالتلوين - فشكرا لك ياسر جعلتني أعشق الألوان أكثر

حب النفس هو اعظم انواع الحب و أطهرها و لا يصل الانسان لهذه الدرجة من حب النفس الا عندما يتفرغ لها و يتقرب منها ، يتحدث اليها و يفهمها و يترك لها حرية الاختيار بعيدا عن حب السيطرة و بعيدا عن ضجيج و صخب الحياة ،،

في الحياة و في كل المجالات تبدو الخيارات المتاحة أمامنا كثيرة جداً و لا يعني هذا ان تكون كلها حقيقية ،، ان تختار انت وفق حقك في الانتخاب ما تريده و ما ترغب به فعلا بعيدا عن التوتر و الضغوط هذا هو الخيار الحقيقي الذي يدفعك لان تنسجم مع المتاح بين يديك و تستمتع بالحياة ،، " الخيارات الحقيقية تحتاج الى قدرة على اتخاذ القرارات، و تحتاج إلى ادراك عميق لأنفسنا ، عليك ان تعيد قراءة نفسك و تكتشف ذاتك لكي تختار الخيار الحقيقي " ..

مقالة النور و المطر و التي يتحدث فيها الكاتب عن اهمية الإبداع في صناعة المجتمعات و ردود أفعال المجتمعات تجاه المبدعين ما بين باحث عنهم يتعامل مع الإبداع كقضية رئيسية و مطلب حيوي و ما بين محبط لهم يتصيد أخطائهم و ينهال عليهم بوابل من سياط النقد اللاذع الذي يسبب لهم العاهات النفسية و الفكرية و ثقافة التحطيم هذه لا تنشأ إلا من الجهل الثقافي و الفكري و الجهل بأهمية المبدعين و دور الموهوبين في صناعة تنمية حضارية لأي مجتمع ،، و في مقالة اخرى يعرف المبدع بأنه ومضو من نور و ضياء يمتد على افق الكون ليحرر الافكار و يمحق الظلام .. الابداع لا يحده و قت و لا سنّ محدد " فالسنّ خرافة قيد الإنسان نفسه بها عندما تناقلها واعتقد بصحتها "

في هذا الكتاب فقط وجدت تعريفا لكلمات كنت أظن أنني اعرفها من قبل و لكن في واقع الأمر انا لم اعرفها الا اليوم ،، عرفت الحب روحا للحياة و الضدًّ شيء لا يمكن ان احيا لولاه و الأطلال ما اسعى دون ان اشعر الى لقياه و البحيرة تلك الصورة التي تجمع بداخلها تفاصيل كل ما حولها من حياة ،، عرفت السفر الذي يجمع العقل بالفكرة في لقاء حميم ،، رسمت الفكرة و محوت من تلك اللوحة كل تفاصيل القسوة ،، لأصل لذلك المكان او لتلك الحالة الإنسانية التي تدفعني إلى الإيمان ،،

كثيرون ينتقدون عالم الفيس بوك و تويتر ربما لأنهم ينظرون اليها من الجانب السلبي الذي يظهره من يسيئون استخدام شبكات التواصل الاجتماعي او الذين يجهلون حقيقة هذه المواقع و الغاية التي من اجلها وجدت و لكن من يقرأ وصف الكاتب للفيسبوك و الفيسبكيون سيدرك اهمية هذه المواقع في تسهيل التواصل الانساني و الفكري و الادبي و الثقافي بين عدد كبير من مستخدمي هذه الشبكات على اختلاف لهجاتهم و السنتهم و قدراتهم و مواهبهم و مستوياتهم التعليمية و الفكرية و الثقافية ،، الفيسبوك و تويتر هذا الفضاء الواسع و العالم الذي رٌسِم خلف حدود الشاشات ليلغي كل الحدود الجغرافية و العمرية و الجنسية و الطبقية يعبر فيها كل واحد عن رأيه و يشارك بما لديه بعيدا عن التعقيدات و الرسميات و البروتوكولات ،،

بيكاسو و ستار بكس هذا الكتاب الذي وقعت في حبه من الصفحة الأولى و كنت اسرع الى احتضان احرفه و كلماته كلما شعرت بالملل او الضجر و حتى التوتر احيانا فأجد فيه ما يساعدني على تغيير " المود " و ينقلني الى عامر آخر أسعد في المكوث فيه و لو للحظات ،، بيكاسو و ستار بكس جمع احدى و ثلاثين مقالة بسيطة الكلمة عميقة الفكرة لم اشعر بالملل ابدا و انا اقرأ أي مقالة من مقالاته بل على العكس تماما كنت أتلهف لقراءة المقال الذي يليه ،، كل عناوين الكتاب هي حياتنا نحن ، قريبة جدا من ارواحنا و انفسنا و يومياتنا بل و حتى ادق التفاصيل فيها ،، تنوعت مقالات الكتاب بين الادبية و الفكرية و العملية و حتى الاجتماعية ،، هذا الكتاب هو اثراء لأي مكتبة يتواجد فيها فلا تفوتوا على انفسكم فرصة اقتناءه ،، شكرا ياسر حارب و لا تحرمنا من الاستمتاع بجديدك ،،

كُن مُبادراً ,, حتى لا يقع الطلاق ..

المشهد الأول :
- أغلق دكانّه محزون القلب , منكسر النفس , مما لقي من الخسارة في يومه , و مشى إلى البيت .. يأمل أن يجد من حب زوجته إياه و عطفها عليه و مواساتها له , ما ينسيه آلامه ..
- و أكملت أعمال بيتها , مكدودة الجسد , متعبة القلب , مما نالها من عناء الطبخ و التنظيف, و مداراة الأولاد , و قعدت تنتظر زوجها, ترجو أن تجد من حبه إياها و عطفه عليها و مواساته لها , ما ينسيها متاعبها ,,

الرجل و المرأة كلاهما مكمل لبعضه الآخر ,, و كلاهما بحاجة للحب و الحنان و عطف الواحد منهما على شريكه .. و مهما كان ما يجدونه من مشاكل اليوم و العمل و مهما كانت اللحظات العصيبة التي يواجهونها يبقى ذلك اللقاء هو ما ينتظرونه ليخفف عنهم تعب اليوم .. و تسكن به أرواحهم و تسعد به أنفسهم ..
قال تعالى : " و من آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها و جعل بينكم مودة و رحمة إن في ذلك لآياتٍ لقوم يتفكرون "
عاطفة المرأة دوماً هي الظاهرة و الأعلى تركيزاً و كذلك الحنان و هذا يجعلها مهيئة بالفطرة لأن تكون سكناً للرجل فلا تتصرفي خلاف الفطرة ,,
الرجل دوماً يشكل للمرأة ذلك الملاذ الآمن و الحضن الدافئ لصفات القوامة لديه ,, ابقَ هكذا دوماً و لا تحاول اخفاء ذلك الحب الذي يحتضنه قلبك ..

المشهد الثاني :
لما رأته داخلا كئيب الوجه , فاتر التحية , تألمت منه , فأعرضت عنه , و لما رآها قد أعرضت عنه , سخط عليها , و غضب منها , و ذهب إلى غرفته , و نزع ثيابه و هو يرتجف من الغضب , و استلقى على فراشه , و لكن جسمه كان مشدودا , كأن كل عصب منه وتر عود ..
و جعلت تدور هي في الدار , و الغضب يعصف بين جوانبها .. و مرت ساعة , و حاسب نفسه و قال لها : يا نفس لِمَ لا تنصفين ؟ ما ذنب المرأة ؟ أما تعبت نهارها كله , و أزهقت روحها و أنهكت جسدها , من أجلي , ثم تزينت لي و قعدت تنتظرني ؟
و قالت لنفسها : لعله مريض , أو مصاب بنكبة . أفما كان عليّ أن أسأله قبل أن أعرض عنه ؟

كلاهما غضب من الآخر لأن كل منهما لم يجد ما كان ينتظره و يصبو إليه .. و هذه هي اللحظات التي ينشط فيها ابليس و لا يفتر فيها عن الوسوسة .. فأسعد لحظاته لحظات الخلاف ,,
بعد أن خلا كل منهما بنفسه بدأ يفكر بالآخر ,, لا بد و أن هناك مبررات دفعته لهذا التصرف ,, و بدأ كل منهما يلوم نفسه .. و لكن ..
هل كان هذا كافيا لإخماد ذلك الغضب ؟!

المشهد الثالث :
رقت نفسه و ارتقب أن تبدأه بالكلام فيصالحها .
و انتظرت هي أن يناديها , لتصالحه .. فلما رأته لا يناديها , عاودها الغضب ,, و جاء الولد يقول : ماما , جعت ..
فانفجر المكتوم من غضبها , و صرخت بها : اذهب من وجهي ألا يكفي تعبي طوال النهار , أخدامة أنا في هذ البيت ؟
لو كنت خدامة لقال لي أبوك : أشكرك , على الأقل ..
و انسل الولد و جعل يبكي ..

دائماً الانتظار يجعل كمية الغضب المتراكمة تتزايد و تتزايد و تتزايد ,, لأن كل منهما يبدأ توقع اسباب عدم مبادرة الآخر ببدء الحديث و المصالحة ,, و هذا يجعله يفكر بالأشياء السيئة دائما و تنمو لديه المشاعر السلبية .. و لو بقي كل منهما ينتظر الآخر لطال الانتظار و لكن حديث ذلك الولد عجل لحظة الانفجار .. لذلك غالبا ما تكون التدخلات الخارجية في غير محلها و تزيد المشكلة سوءا ,, فاتركوا المتخاصمان يسويان الأمر بينهما على طريقتهما لأنهما الأعرف بكيفية الحل و كل منهما يعرف ما يحتاجه لإصلاح الأمر ,,

المشهد الأخير :
أحس الرجل كأن بكاءه يمزق أعصابه , و لم يعد يطيق الاحتمال , فوثب كالمجنون و صرخ :
- إلى متى هذا الخلق السيء , إلى متى أصبر عليك ؟
- قالت : أنا التي لم تعد تستطيع الصبر ..
- قال : و من الذي يتمسك بك ؟ اذهبي .
- قالت : آه , سأذهب , ما عدت ترى وجهي ..
- قال : إلى جهنم ..
- قالت : إلى جهنم ؟! هذا جزائي بعد خدمتي لك , و صبري عليك عشر سنين ؟ الله يلعن الساعة التي عرفت فيها وجهك ..
- قال : ويلك ! الآن أطلقك .
- قالت : إي طلقني بقى , و خلصني .
- قال : طيب , روحي طالقة !

و قع الطلاق ..
دعونا نفكر بتغيير أحداث القصة .. لو فكر كل منهما بالمبادرة لمصالحة الآخر بعد ما هدأت نفسه و صفت سريرته .. ما الذي كان سيحدث ؟
أتوقع أن كلاهما سيجد نبعاً من الحب منسابا متدفقا تجاه الآخر يفيض به دون توقف ,, و لما قدموا لحظات الانتظار كهدية على طبق من ذهب ليدعوا للشيطان مدخلا و فرصة يشحن بها قلب كل زوج تجاه زوجه بمشاعر الغضب ,, و لما كان ذلك التدخل من الطفل كشرارة أشعلت حريق منزل أغلقه الطلاق ..

عندما تفكر بالخير , لا تتردد و لا تجعل المشاعر السلبية تعاود التسلل إليك مجددا اطردها بسيل من الحب و اجعله يتدفق في كل خلايا جسدك ,, كُن مبادراً و تعامل مع الآخرين بحب .. و عطاء لأن ذلك خلقك و تلك هي فطرتك التي فطرك الله عليها ..
لن تشعر بالسعادة إلا بالتعامل مع فطرتك بشكل جيد و سليم ,, فـ لتكن المبادرة ذلك الدرع الواقِ الذي تطوقون به منازلكم لحمايتها من التفكك و الانهيار ,,

دمتم بسعادة .. و دامت منازلكم عامر بالحب ,,

همسة :
أحداث القصة نقلتها كما هي باللونين الأخضر و البنفسجي عن الشيخ علي الطنطاوي من كتابه مقالات في كلمات ,, الجزء الأول
و علقت على القصة بأسلوبي باللون الأسود,,

عودة للتدوين ,,

آخر ما تم تدوينه هنا كان في الشهر 7 من عام 2010 المنصرم ,, زمن طويييل طويل ,,
لستُ مدونة جيدة و لا أتقن فنون الكتابة ,, لكن في حياة كل منّا ما يستحق أن يُدّون ,,
و بالتأكيد صغيرنا و كبيرنا يخوض في هذه الحياة تجارباً و قصصاً أحقّ أن تُروى ,,
و بداخل كل قلب نشوة فرح أو غصة ألم أو ضوء أمل يُمكن البوح به ,,
أعتقد أن الكتابة من الأشياء التي يمكن أن تصاحب الانسان في رحلة الحياة الطويلة القاسية لتخفف عنه أو تسانده ,,
لا أعرف حقيقة لماذا توقفت عن التدوين ,, هل هي أمواج الحياة المتلاطمة التي تقذفنا بعيدا عن الشاطئ تارة و تعود بنا أخرى ,,
أم أنه تزاحم الأعمال و ضيق الأوقات ,, حقيقة لا أعلم ,,
و لكن ,, قررتُ العودة مؤمنة أن بداخل كل منا صوت يجب أن يسمعه الجميع ,,
طبتم جميعاً
=)


|| فرحةُ تخرج ||

قليلة تلك اللحظات في الحياة التي نشعر فيها بفرحة غامرة لا يمكن وصفها أو معرفة حجمها و مداها .. و التي تجعل الذكريات القريبة و البعيدة تمّر كشريطا سينمائيا كأنما يعرض لك فيلما .. إحدى هذه اللحظات كانت هذا اليوم الحادي و العشرين من رجب لعام 1431 هـ .. هذا اليوم الذي فرحنا فيه بتخرج الأخ الغالي و كما يُقال " آخر العنقود " من الثانوية بتفوق بعد رحلة دراسية استمرت 12 عاما ً ..
أذكره جيدا .. أذكره طفلاً كما لو كان بالأمس لا يقوى على الحركة و الحديث أجلس بالساعات إلى جانبه نتسلى باللعب معاً .. لا زلت أذكر تلك الضحكات و حتى تلك الدموع حينما يعبر بها عن الجوع أو الألم ..
أذكره جيدا .. حينما كان يذهب إلى الروضة و يكتب أحرفه الأولى , و تمر السنوات و يكبر الطفل شيئا فشيئا ..
أصبح ذلك الطفل فتىً و شاباً و الآن رجلاً .. و نِعم الرجل ..
و ها هو الآن قد انتهى من المرحلة الثانوية .. لينتقل إلى المرحلة الجامعية أسأل الله له التوفيق فيها و في حياته ..
سعيدة جداً بتخرجه .. من القلب مبروك لنا و هنيئاً لنا هذا التخرج
:")

|| العائلة الفيسبوكية ||

فيما مضى ,
ذات يومٍ من الأيام كنا نتحدث عن إنشاء مجموعة خاصة بموقعنا على الموقع الشهير " الفيس بوك " , فرفض البعض الانضمام لهذا الموقع باسم المجموعة متعلّلا بأنه علينا أن لا نساهم في جذب الشباب إلى مثل تلك المواقع التي وصفها بأنها بؤرة للفساد و الانحلال الأخلاقي و الديني و أنها مصدر كل تلك الشرور التي نعاني منها في زماننا .. كما أنها منبع الفتن و مُحطّم العادات و القيم ..

ثمّ ,
بعدها بمدّة دخل عليّ أخي ليخبرني بأنه قد انضم إلى العائلة " الفيسبوكية " بتسجيله في منبع الفتن و بؤرة الفساد , بناء على دعوة تلقاها من أحد الأصدقاء .. حينها شعرت بالضيق و بادرته القول أن علينا التأكد و التثبت من أي شيء قبل قبول أي دعوة لا أن نقبلها فوراً و دون أن نعرف ما نوع الموقع الذي سنسجل الدخول إليه ..

بعد مدّة ,
سألتني صديقة لي غالية على قلبي , لماذا لا تدخلين " الفيس بوك " , فأجبتها بأنني لا أمتلك حساباً في هذا الموقع و لم أفكر يوماً في إنشاء حسابٍ جديد ,, فقالت لي و كيف ذلك و قد وجدت حساباً لكِ هناك بعد أن قمت بالبحث بواسطة بريدك الالكتروني ..
دُهشت لسماع ذلك و أعدت قولي عليها مجددا بأنني لا أمتلك حسابا لم أقم بإنشاء أي حساب فقالت ربما هو تشابه في البريد .!!

تجربة و فضول ,
بدأ الفضول و بدأت التساؤلات فحاولت الدخول و تسجيل حساب جديد , و عندها كانت الصدمة , عنوان البريد الإلكتروني الخاص بي مستخدم !!
كيف ذلك , متى , أين , من قام باستخدامه ,, وحينها طالبت بكلمة المرور فجاءتني على طبق من ذهب إلى بريدي ,,
فتحت البريد و نسخت كلمة المرور و سجلت إلى هذا العالم الدخول ,,
وجدت الكثير من طلبات قبول الصداقة منهم من عرفت فقبلت إضافتهم و منهم من لم أعرف فرفضت ..
و حتى هذه اللحظة لا زالت فكرة بؤرة الفساد في مخيلتي و لا زلت أجهل الكثير عن العالم " الفيسبوكي " ..

تدور الأيام ,
بدأت أتعلم استخدامه و أتُقن أبجدياته و أفعل كما يفعل الآخرون .. أتصفحه بين حينٍ و آخر .. أدخله يوماً و أتغيب عشراً ..
وجدت من كان يرفض دخوله بالأمس قد أصبح من الناشطين في استخدامه اليوم ,, و لا زالت علامة الاستفهام تدور في ذهني " من قام باستخدام بريدي و إنشاء هذا الحساب " ؟!!

و اليوم ,
وجدت طريقي الخاص الذي رسمته لنفسي في استخدام هذا الموقع , لست مُجبرة على قبول كل الصداقات التي لا أعرفها أو الغير نافعة كما أنني لست مجبرة لملأ صفحاتي بالسخافات أو المحرمات أو المكروهات أو حتى تشويهها بالتافه من الأمور ,,
وجدت الكثير من الأصدقاء القدامى و الذين أفخر بصحبتهم و أفخر أن يتواجدوا ضمن قائمة أصدقائي , و جدت الكثير من العظماء الذين أتشرف بقراءة ما يكتبون على صفحاتهم الخاصة و استزيد علماً بصحبتهم و ملاحظاتهم ,,
وجدت هذا العالم يجمع القلوب و يُسهل التواصل و يقرّب البعيد و يزيد من محبة القريب ..
وجدته منبرا لقول الحق , وجدته خير متفاعل مع القضايا العالمية و العربية و الإنسانية , وجدته ممتعاً في العمل , وجدته بوابة أخبار , وجدته منبر دعوة فقد تجد كلمة تضعها طريقا لقلب من يحتاجها دون أن يشعر ,,
و اهتديت في آخر المطاف لأمر هام .. الفيس بوك كغيره من الأمور نحن من يحدد مساره و اتجاهه .. هو في نهاية الأمر أداة وضعت في يد الإنسان .. منهم من أساء استخدامه و عليه اساءته و منهم من أحسن توجيهها و له إحسانه ,,
و شكراً لمن يرجع لهم سبب تواجدي ضمن العائلة الفيسبوكية و انضمامي لها و جزاه الله خيرا هذا المجهول الذي قام بإنشاء حسابي فله أجر كل حرف أكتبه و إن كنت لا أعرف هويته ..

حديثُ صديقان يكتب للثقافة عنوان ..

كان يا ما كان في سالف الأزمان ,, قلمٌ و دواة و عقلٌ و بنان ..
اجتمعت فأضحت إنساناً و كتاباً لبعضهما عاشقان ..
و في يومٍ من ذات الأيام ,, ظهر هذا العشق و استبان ,, عابراً التواريخ و البلدان ..
ليُجمع بين دفتين و عنوان ..
واجتمع من الأصحاب اثنان .. لينقلا لنا من حديثهما عن الثقافة بياناً و تبيان ..

- ما هي الثقافة ؟ أهيَ المعرفة ؟
لا
- أهي العلم ؟
لا
- هل هي الحضارة أم المدنية ؟ أهي التاريخ , العقيدة , العادات و التقاليد أم الأخلاق ؟ هل هي الفنون و الآداب و الأفكار ؟
لا يا صديقي .. هذه المفردات ما هي إلا بعض مكونات الثقافة .. فالثقافة و المثقف كلمتان غائمتا المفهوم , غامضتا الدلالة , واسعتا النطاق , يصعب أن يحويهما تعريف أو يحدهما مصطلح ..
- إذا اعتبرنا الثقافة صورة من صور الحياة ,, ما هو الإطار المناسب الذي يحدّ هذه الصورة ؟
إن مفهوم الثقافة إطار عام جامع و تتحرك داخل هذا الإطار الواسع كل الثقافات الإنسانية في دوائر أو أُطر متمايزة ذات تنوعات شاسعة و مستويات حضارية متباينة و تقوم بينها أحيانا حواجز و عوائق يصعب تجاوزها أو اختراقها أو النفاذ منها ..
إن الثقافات عوالم متمايزة تشكلت بظروف تاريخية و سياسية و اجتماعية و طبيعية مختلفة و تكونت بفعل مؤثرات كثيرة و متنوعة فجاءت هي بهذا الاختلاف و التنوع ..
- قرأت تعريفا عن الثقافة كتبه الأستاذ " عبد الكريم غلاب " يقول فيه : أن الثقافة ليست مادة تُشرب و تُؤكل أو تُحقن في الوريد عن طريق حقنة أو تُوضع في الدماغ عن طريق الإيحاء السحري أو تُبلغ عن طريق الحفظ والاستظهار كما تُحفظ نصوص في مدرسة ابتدائية و لكنها نتيجة جهد و متابعة و مجاهدة و استنباط و إعمال فكر و قلب و ضمير " ..
قد تعبر الثقافة عن تاريخ و تطور المجتمعات و قد تعبر عن أنماط أخرى من العلاقات الغير غريزية بين البشر كشكل من أشكار العلاقة لنشاط الفرد ضمن محيطه الاجتماعي و يختلف شكل العلاقة باختلاف المستوى الثقافي للفرد ضمن المجتمع ..
-و كيف يمكننا تحديد ذلك ؟
يمكننا تحديد ذلك بجملة النشاطات التعليمية المعبرة عن الفعاليات الاجتماعية و كذلك النشاطات الأخرى المكتسبة بفعل التفاعل اليومي مع أفراد المجتمع ذاته أو مع المجتمعات الأخرى المتجاورة ..
- هل تطور مفهوم الثقافة بتطور المجتمعات البشرية ؟
نعم ,, حيث أخذ يعبر عن أشكال و أنماط أخرى لم تألفها المجتمعات البشرية السابقة و أصبحت الثقافة لا تمثل الأشكال و السلوكيات و العلاقات المبسطة و السائة بين أفراد المجتمع و إنما أخذت تنحو باتجاه تمثيل القيم الفوقية و أشكال الإدارة الفعالة للقوى الاجتماعية ..
- ما هو مصدر الثقافة في اللغة العربية ؟
كلمة الثقافة اسم مشتق من الفعل " ثَقف " و التي تعني " صقل " و عادة تأتي صفة لعملية صقل السيف الذي يُصنع بداية على شكل شريحة حديدية خام لا تملك مقومات القتل أو حتى الإصابة و النفاذ لذلك لابد من تثقيفها أي صقلها و جعلها حادة قاطعة .. و كذلك الشخصية لابد لها من تثقيف حتى يشع النور بداخلها فترى جيداً ثم تشرق على من حولها بوهج المعرفة و الرأي و الإحساس و بدونها فالشخصية كيان مغلق , خام فارغ ..
- إذا فإن الثقافة هي التي تخلق وعي الإنسان و تصوغ شخصيته و تتحكم بعقله و توجه وجدانه ..
و لا تنسى أن الثقافة هي ذلك الكائن المعقد العجيب الذي لا نراه و لكنه يغمرنا كل الوقت بل و يسري فينا مسرى الحياة ..
- إذاً , فإن ثقافتنا تساهم في تكوين الحضارة الإنسانية .. و لكن متى بدأت الثقافة تساهم في تكوين الحضارات ؟
إن الثقافة سابقة للحضارة سبقاً موغلاً , فالجماعات الإنسانية في العصور القديمة عاشت قروناً ممعنة في الطول و الامتداد قبل أن تتكون الحضارة , لكن لم يوجد أي جماعة بدون ثقافة ,, لقد بدأت الثقافة منذ وجود الإنسان ففي البدء كانت الثقافة و كانت اللغة " و علّم آدم الأسماء كلها " فهي الامتياز المطلق للإنسان أما الحضارة فهي نتاج عقلاني جاء متأخرا و استغرق تطويرها آلافا من السنين ..
- أفهم من هذا .. أن الاجتماع الانساني أنتج الثقافة أما الحضارة فهي عناصر مختارة أنتجتها الاشراقات الثقافية الاستثنائية النادرة ..
إن الثقافات المتطورة هي التي أنجزت الحضارة فصارت هذه الانجازات متاحة للجميع من كل الثقافات مهما كان مستواها صعوداً أو هبوطاً فالمنجزات الحضارية مُشاعةو مشتركة بين كل الأمم أما الثقافات فهي شديدة التمايز و الخصوصية و من هنا جاء التفاوت الشاسع بين الأمم ..
- من كل ما فهمته من حديثك حول الثقافة أستطيع أن أقول أن المثقف هو الذي يمتلك قدراً من الوعي و الرؤية و الثقافة و الإطلاع على الأنماط المتعددة للثقافة ..
و من وجهة نظر لكاتب و الأديب محمد حسنين هيكل فإن المثقف هو الإنسان الذي يستطيع أن يكوّن لنفسه رؤية و موقف من الإنسان بالدرجة الأولى و من المجتمع بالدرجة الثانية و من الطبيعة و الكون بالدرجة الثالثة .. و يستطيع أن يعبر عن هذه الرؤية و هذا الموقف برموز الكلمات و الألوان و الأصوات .. و عليه فإن المثقف يستطيع أن يُعطي هذه الرموز التي تتضمن رؤيته و موقفه و التي تعبر عن هذه الرؤية ..
- إذا فإن مفهوم الثقافة و المثقف يمكن اعتباره مفهوما متحررا من القيود و الصياغات الجامدة و المتحجرة و يرتبط ارتباطا عضويا بمفهوم التحديث في العالم و تتغير دلالاته تبعاً لمجريات التطور و التحديث عبر الزمن .. و لكن كيف يمكننا الوصول إلى درجة المثقفين ؟
إن العقل لا يزدهر إلا بمقدار ازدهار الثقافة التي ينشأ عليها فهي رحم العقل و هي قالب العواطف و موجه السلوك و هي الرحم الذي تتخلّق به العقول و تُصاغ العواطف و تتحدد الاتجاهات و تتكون الاهتمامات ..
- و هل يتحقق ذلك بالقراءة ؟
ليست القراءة وحدها مصدراً لبناء الثقافة و لكنها المحضن الرئيسي و اللبنة الأساسية في بناء جدار ثقافي يعلو على مدى الأيام .. و حتى نصل إلى الدرجات العليا من الثقافة علينا أن نتخذ من الكتاب صديقاً و نجعل من القراءة طريقاً نحقق به طموحاً و نعلي به صرحاً يُسطر للأمة مجداً ..

و هكذا انتهى حديث الصديقان , بعد أن كتبا للثقافة عنوان .. و رسما للمثقف كيان , و للحضارة وقتٌ و أزمان ..

حياتنا و الذكريات ..






أتساءل دوماً .. كيف هيَ الحياة عندما تخلو من الذكريات ؟!

و هل تُسمّى حياةً !!

أعجزني هذا الكائن " الذكريات " عن تعريفه أو وصفه ..

وجدته حياةً بأكملها .. خلاصة تجارب و أيامٍ عشناها ..

و ما كانت لِتُنقش هذه الذكريات لولا أن الحياة رسمتها بريشتها كل ما عشنا فيها يوماً ..

فهي إذاً دليل حياة هذا الكائن و وجوده ..


الذكريات ,, نجد فيها أنفسنا إن يوماً أضعناها و نسترجع أمساً قد فقدناه ..

نجدها أغلى المقتنيات نُودِعُها صندوقاً محكم الإغلاق ندوّن ما كان منها قابلاً للنشر ..

و نحتفظ بما تبقى في مستودع الأسرار ..

و ربما نفقد بعضاً منها و نلقي بها خارج الصندوق تحت طائلة النسيان ..


الذكريات ,, تلك القوة الكامنة تستفزها بعض ملامح الذكرى و أطيافها ..

فتندفع بقوة لتغير الحال من حزن إلى سعادة أو العكس ..

يتوقف هذا على نوع الذكرى .. فهي كالمخدر يحملنا إلى عالم آخر نشعر فيه بنشوة حالمة ..

أو كالصبر مر المذاق نبتلعه سريعاً كي لا نشعر بطعمه ..

قد تُسكت هذه الذكريات أنين القلوب .. و قد تجدد نزف جرح لم يلتئم ..


أجد في الذكريات قصص طفولة مسلية .. و تجارب صِبا .. و تاريخ أحداث عاصرناها ..


يمرّ بذاكرتي أشخاص لكلٍ منهم سمة تميز بها .. و كلّ واحدٍ منهم بطلٌ لقصةٍ عشتها ..


الذكرى ,, ذلك الغائب الذي يعود كلما اشتقنا إليه .. يتجسد أمامنا و نشعر به ..

نعيش فيه كأنه يحدث لأول مرة ليس ماضياً قد عاد و إنما حاضرٌ قد جاء ..

ثم نصحو على واقع فإذا العالم الذي كنّا نعيشه ليس إلا ذكرى انقطع عنها التيار ,,

عادت إلى الصندوق و رحلت معها كل الشخصيات ..


لَقد انْقَضَت تِلكَ السُنون و أهلْها .... فَكَأنها و كَأنهُم أحلامُ


تمضي هذه الأيام و تنقضى و لا يبقى منها إلا الذكريات فاحرص على أن تُبقي منها أجملها ..